الرئيسية / سياسية / الاتحاد الأوربي والرَّمي بجمرة الهجرة الملتهبة في حضن المغرب

الاتحاد الأوربي والرَّمي بجمرة الهجرة الملتهبة في حضن المغرب

مهاجرون نحو “الجنة” الأوربية!!!!

 

عادل الزعري الجابري (وم ع)

 زَجَّ الاتحاد الأوروبي، الذي تُعد آلته الدبلوماسية باهتة التأثير على الساحة السياسية الدولية، بنفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، ولكن للدفاع عن “أوروبية” الثغريين المغربيين المحتلين، سبتة ومليلية.

ففي خروج غريب، على أمواج محطة إذاعية إسبانية، اتهم نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، المغرب بـ “ابتزاز” أوروبا عن طريق الهجرة. وقال “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل إنها مشكلة جميع الأوروبيين”.

إ‘ذا كان الأمر يتعلق بإثبات مخلفات الماضي الاستعماري، الذي تُواصل أوروبا الدفاع عنه في واضحة النهار، بينما نعيش في القرن الـ 21، فإن هذا التصريح المفاجئ يعكس شعورا مستترا ،بِالْكاد، للتسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع “البلدان الأجنبية”؛ كما يعكس هذا الخروج عن جادة الطريق، مدى هشاشة أوروبا وقصْر نظرها، عندما يتعلق الأمر باتخاذ موقف بخصوص قضايا مهمة من قبيل الهجرة أو الأمن. بالأمس، كان ذلك مع تركيا وروسيا، واليوم، جاء دور  المغرب ليعاني من وقْع إحباطات أوروبا منعدمة الكفاءة والفاقدة لمعالم الطريق.

ويظهر تصريح المسؤول الأوروبي، أيضا، كيف يمكن للاتحاد الأوروبي، المنغمس في حسابات سياسية ضئيلة، أن ينسى، في جزء من الثانية، جهود المغرب في تدبير أزمة الهجرة بروح من المسؤولية، الرصانة، والوفاء تجاه شركائه. ليس بوسع إسبانيا وأوروبا أن تقول خلاف ذلك.

نسي السيد شيناس، أيضا، أن يعترف بأنه إذا كانت إشكالية الهجرة لا زالت قائمة منذ عدة سنوات مع مئات الموتى، والكثير من الغرقى في عرض المتوسط، فإن ذلك يُعزى، أوَّلاً وقبل كل شيء، إلى الإخفاقات المتتالية للاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول شاملة، منسقة وقابلة للتطبيق مع بلدان المصدر والعبور.

الهجرة قضية جِدِّية؛ فالأمر لا يتعلق بمنح الأموال أو بتصدير مشكلة أوروبية في المقام الأول. لا يمكن لأوروبا إحاطة نفسها بسياج والرمي بجمرة ملتهبة لـ “الدول الأجنبية”. يبدو أن فكرة أوروبا “الحصن” المفَضَّلة لدى أقصى اليمين المعادي للأجانب والعنصري، تجد صدى لها في بروكسيل.

كما ألمح نائب رئيسة المفوضية الأوروبية إلى “توظيف” المغرب لملف الهجرة، ضاربا عرض الحائط الجهود الحثيثة والدؤوبة المبذولة من طرف المملكة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية؛ ونسي كذلك  أن المغرب بلد ذو سيادة ،وأنه ليس دركياً لأوروبا.

يتجاهل السيد شيناس، أو يتظاهر بتجاهل المُعطي الذي يفيد أن المغرب كان أول بلد في المنطقة، يتبنى سياسة وطنية للهجرة ذات طابع إنساني، جنَّبت أوروبا “عبء” التكفل بآلاف المهاجرين، لاسيما المنحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين يندمجون اليوم، على نحو جيد، ضمن النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، دون أي تمييز، على غرار باقي مواطني البلد. وقد أكسبت سياسة الهجرة الناجحة هاته المغرب موقعا رياديا على مستوى أفريقيا والحوض المتوسطي. حيث تتقاطع الرؤية الإقليمية والقارية للمملكة مع التزامه الدولي كفاعل دينامي ومتضامن في هذا المجال.

يُذكر أن المملكة استضافت في شهر دجنبر 2018 المؤتمر الدولي للهجرة برعاية الأمم المتحدة،وتم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة، المنظَّمة والنظامية. وليس هذا المغرب، المسؤول، الملتزم والمنخرط على أعلى مستوى في البحث عن حلول وتوافقات مبتكرة في التفكير والتدبير العالميين لهذه المشكلة، هو الذي “سيوظف” المهاجرين، ويلقي بمواطنيه في عرض البحر، بدافع نزوة أو حقد، قصد استهداف بلد جار. في المقابل، سيتذكر المغرب أن الاتحاد الأوروبي، المداهن والجامد، لم يتمكن من التعليق على استقبال إسبانيا لمجرم حرب على أراضيها.

أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فيحق له التساؤل عن سبب الترحيب بهذا الْمُدان سيِّئ السمعة الذي صدرت في حقه مذكرة اعتقال أوروبية؛ والذي يتم استقباله كشخصية مهمة على التراب الأوروبي، بينما يتم التخلي عن آلاف اللاجئين الفارين من الفقر، المجاعة والحروب في عرض البحر ؟.

عن Scoopress

تحقق أيضا

أذان الله أكبر…يتردد صداه في الكركرات وما جاورها

  مسجد الكركرات …بالصحراء المغربية   سكوبريس تم فتح مسجد الكركرات أمام المواطنين القاطنين بالجماعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *